فصل: بعث الرجيع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.غزوة حمراء الأسد:

ولما كان يوم أحد سادس عشر شوال وهو صبيحة يوم أحد أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج لطلب العدو وأن لا يخرج إلا من حضر معه بالأمس وفسح لجابر بن عبد الله ممن سواهم فخرج وخرجوا على ما بهم من الجهد والجراح وصار عليه السلام متجلدا مرهبا للعدو وانتهى إلى حمراء الأسد على ثمانية أميال من المدينة وأقام بها ثلاثا ومر به هناك معبد بن أبي معبد الخزاعي سائرا إلى مكة ولقي أبا سفيان وكفار قريش بالروحاء فأخبرهم بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم وكانوا يرومون الرجوع إلى المدينة ففت ذلك في أعضادهم وعادوا إلى مكة.

.بعث الرجيع:

ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفر متم الثلاثة من الهجرة نفر من عضل والقارة بني الهون من خزيمة إخوة بني أسد فذكروا أن فيهم إسلاما ورغبوا أن يبعث فيهم من يفقههم في الدين فبعث معهم ستة رجال من أصحابه: مرثد بن أبي مرثد الغنوي وخالد بن البكير الليثي وعاصم بن ثابت بن أبي الأفلح من بني عمرو بن عوف وخبيب بن عدي من بني جحجبا بن كفلة وزيد بن الدثنة بن بياضة بن عامر وعبد الله بن طارق حليف بني ظفر وأمر عليهم مرثدا منهم ونهضوا مع القوم حتى إذا كانوا بالرجيع وهو ماء لهذيل قريبا من عسفان غدروا بهم واستصرخوا هذيلا عليهم فغشوهم في رحالهم ففزعوا إلى القتال فأمنوهم وقالوا: إنا نريد نصيب بكم فداء من أهل مكة فامتنع مرثد وخالد وعاصم من أمنهم وقاتلوا حتى حتى قتلوا ورموا رأس عاصم ليبيعوه من سلافة بنت سعد ابن شهيد وكانت نذرت أن تشرب فيه الخمر لما قتل ابنيها من بني عبد الدار يوم أحد فأرسل الله الدبر فحمت عاصما منهم فتركوه إلى الليل فجاء السيل فاحتمله وأما الآخرون فأسروهم وخرجوا بهم إلى مكة ولما كانوا بمر الظهر أن انتزع ابن طارق يده من القرآن وأخذ سيفه فرموه بالحجارة فمات وجاءوا بخبيب وزيد إلى مكة فباعوهما إلى قريش فقتلوهما صبرا.

.غزوة بئر معونة:

وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفر هذا ملاعب الأسنة أبو براء عمر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة فدعاه إلى الإسلام فلم يسلم ولم يبعد وقال يا محمد لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد يدعونهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك فقال أني أخاف عليهم فقال أبو براء أنا لهم جار فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم: المنذر بن عمرو من بني ساعدة في أربعين من المسلمين وقيل في سبعين منهم الحرث بن الصمة وحرام بن ملحان خال أنس وعامر بن فهيرة ونافع بن بديل بن ورقاء فنزلوا بئر معونة بين أرض بني عامر وحرة بني سليم وبعثوا حرام بن ملحان بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى عامر بن الطفيل فقتله ولم ينظر في كتابه واستعدى عليهم بني عامر فأبوا لجوار أبي براء أياهم فاستعدى بني سليم فنهضت منهم عصية ورعل وذكوان وقتلوهم عن آخرهم وكان سرحهم إلى جانب منهم ومعهم المنذر بن أحيحة من بني الجلاح وعمرو بن أمية الضمري فنظرا إلى الطير تحوم على العسكر فأسرعا إلى أصحابهما فوجداهم في مضاجعهم فأما المنذر بن أحيحة فقاتل حتى قتل وأما عمرو بن أمية فجز عامر بن الطفيل ناصيته حين علم أنه من مضر لرقبة كانت عن أمه وذلك لعشر بقين من صفر وكانت مع الرجيع في شهر واحد ولما رجع عمرو بن أمية لقي في طريقه رجلين من بني كلاب أو بني سليم فنزلا معه في ظل كان فيه معهما عهد من النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم به عمرو فانتسبا له في بني عامر أو سليم فعدا عليهما لما ناما وقتلهما وقدم على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فقال لقد قتلت قتيلين لأذيهما.

.غزوة بني النضير:

ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير مستعينا بهم في دية هذين القتيلين فأجابوا وقعد عليه السلام مع أبي بكر وعمر وعلي ونفر من أصحابه إلى جدار من جدرانهم وأرادوا بنو النضير رجلا منهم على الصعود إلى ظهر البيت ليلقي على النبي صلى الله عليه وسلم صخرة فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب منهم وأوحى الله بذلك إلى نبيه فقام ولم يشعر أحدا ممن معه واستبطأوه واتبعوه إلى المدينة فأخبرهم عن وحي الله بما أراد به يهود وأمر من أصحابه بالتهيؤ لحربهم واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم ونهض في شهر ربيع الأول أول السنة الرابعة من الهجرة فتحصنوا منه بالحصون فحاصرهم ست ليال وأمر بقطع النخل وإحراقها ودس إليهم عبد الله بن أبي والمنافقون إنا معكم قتلتم أو أخرجتم فغزوهم بذلك ثم خذلوهم كرها وأسلموهم وسأل عبد الله من النبي صلى الله عليه وسلم أن يكف عن دمائهم ويجليهم بما حملت الإبل من أموالهم إلا السلاح واحتمل إلى خبير من أكابرهم حيي بن أخطب وابن أبي الحقيق فدانت لهم خبير ومنهم من سار إلى الشام وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أموالهم بين المهاجرين الأولين خاصة وأعطى منها أبا دجانة وسهل بن حنيف كانا فقيرين وأسلم من بني النضير يامين بن عمير بن جحاش وسعيد بن وهب فأحرزا أموالهما بإسلامهما وفي هذه الغزاة نزلت سورة الحشر.